أهلا وسهلا بك إلى منصورة والجميع للتسجيل اضغط هنا التسجيل.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
مع الإباضية بقلم : نجيب بن خيرة لم أكن أعرف في طفولتي ولا يفاعتي معنى لكلمة " ميزابي " إلا لما بلغت مبلغ الرجال ، وعلمت أنها نسبة إلى وادي ميزاب في غرداية ، وقد نشأتُ وترعرعتُ في الأحياء القديمة لمدينة " بوسعادة " ـ مسقط رأسي وأول أرض مسّ جلدي ترابها ـ حين كان نصف تجارها من " الميزابيين الإباضية " .ندرس مع أبنائهم في الكُتّاب ، ونبتاع من حوانيتهم الطعام و الثياب ، وندهش لفطنتهم وذكائهم وسرعتهم في الحساب ...نُصحاء إذا باعوا ،أوفياء إذا ابتاعوا ، يعملون في صمت مقدس كأنه الصلاة ...!!. ولما دخلت الجامعة حضيت بصحبة رفقاء منهم، كانوا لايعرفون إلا الجامعة يغدون إلى قاعات الدرس فيها، ثم يروحون إلى سكناهم مع الطلاب، ليس إلى قلوبهم من طيش الشباب وإغراء المدينة من سبيل ...!. وسعدت بعدها بزمالة أساتذة إباضيين أكارم في جامعة الأمير عبد القادر ، منهم : الدكتور المؤرخ إبراهيم بحاز ، و الأصولي الأديب الدكتور مصطفى باجو ، و الفقيه الدكتور مصطفى ونتن ....وهم اليوم من أعيان الإباضية في غرداية ، ومراجعها العليا في الفُتيا و الإصلاح و التوجيه .. وكم دُعيت مرات عديدة إلى مساجد الإباضية في قسنطينة و الخروب لإلقاء درس أو محاضرة خلال شهر رمضان الفضيل ، ولم أجد منهم إلا الترحيب الصادق ، و الحب الخالص ، و الوفاء الدائم ...كنت أحاضر في الجمع الغفير منهم وهو يلبسون القمصان و الجبب ( الششية ) وأنا حاسر الرأس ..ولم ألحظ منهم تذمرا ولا تبرما ولا استغرابا .....بل كان الجميع أذنا صاغية ، ولهم في قراءة القرآن والحرص على ختمه طرائق عجيبة تنبئ عن ارتباط القوم بالله ، و العناية بكتابه العظيم ... وها أنا اليوم أعيش في آخر الطرف الشرقي من بلاد العرب ( المنطقة الشرقية من الإمارات على بحر عمان ) ، وعلى الحدود مع سلطنة عمان الإباضية ،وأساكن القوم عن قرب ، وعندي من الطلاب و الطالبات من يعبر الحدود يوميا للدراسة في جامعة الشارقة أو في جامعة عجمان ..وكلهم حرص على التعلم ، مع ما يتمثلونه من أخلاق راقية ، وخصال حميدة ، وودٍّ غير مدخول.... إنني منذ سنتين أقضي أيام عيد الأضحى المبارك في سلطنة عمان ...وفي عيد هذا العام (2013) صليت إلى جنب السلطان (قابوس بن سعيد ) في مسجد ( سعيد بن تيمور ) بالعاصمة مسقط ، ورأيت كيف يتواضع الحاكم للرعية ، وكيف تعشق الشعوب حكامها ، وترمقهم بالتجلة والإكبار و التقدير ...لما وجدوه فيهم من عِظم الأمانة ، وإقامة العدل ، وإقرار الحق..... إلى غيرها من أمهات الفضائل .... ثم زرت في اليوم التالي مدينة (نزوى) وقلعتها الشامخة ،وهي معقل الإباضية في السلطنة ، وقد سميت في التاريخ (بيضة الإسلام ) لكثرة ما فيها من العلماء و المثقفين والأدباء و المفكرين ...منهم :أبو الشعثاء جابر بن زيد ، والعلامة الكبير ابن محبوب ، وبشير بن منذر ،وسليمان بن غفان ، ومحمد بن وصاف النزوي ، ومحمد بن روح بن عربي الكندي ..وكثير ممن أوردتهم كتب التراجم و الأعلام .... ماالذي غيّر حالنا إلى هذه الحال ؟ ومن الذي أيقظ الفتنة اليوم بين الإخوة في البلد الواحد وفي المدينة الواحدة ؟ إنه القهر الاجتماعي ، وسياسة التهميش الواقعة على الجميع من المالكية والإباضية على حد سواء ... ألا فليعلم الحاكمون بأمرهم في الجزائر أن الوضع خطير ، و النار تبدأ من مُستصغر الشررِ ....فليأخذوا الأمر بجد ، ولا تلهينهم مآثم السياسة ، ومطالب الحكم و الرئاسة ، ومساعي التلفيق و التزوير ...عن وأد الفتنة في مهدها ، وإخمادها من أولها ، وإسناد ذوي الرأي و الفضل و الحكمة لاحتوائها ....وبتظافر جهود الجميع يرجع الأمان إلى صدر الزمان ، وتوءد الفتنة الهالكة ...التي لعن الله موقظها ...