أهلا وسهلا بك إلى منصورة والجميع للتسجيل اضغط هنا التسجيل.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
لم ينم ليلة البارحة، فصرخة زميله لا يزال صدى وجعها يتردد في أذنه ، كمطرقة حديدية تضرب برأسه مجيأة وروحة - رغم أن صراخ الألم هنا لا يتوقف ليل نهار - لكن صرخة البارحة كانت معبأة بالألم لدرجة أنها يمكن ان تقتل سامعها، ربما أنها تشبه صيحة ثمود ،كما جاء بالقرآن الكريم،أو ربما أنها تشبه صرخة إنسان يلقى في نار جهنم. وأعينه لم تعد ترى شيئاً إلا"إلية"زميله كيف انسلخت عن جسده وسالت على السخانة الكهربائية، وأنفه التي كانت تتلذذ بإشتمام رائحة شواء الكباب باتت اليوم مزكومة برائحة شواء لحم بشري، رائحة تدعو للإقياء ،إلا أن جوفه الفارغة من أي طعام أو شراب ترفض حتى أن تتقيأ نفسها. لم ينم ليلة البارحة ، وهو يفكر ماذا سيفعل في لقاء الغد؟،إذا اعترف زوراً وبهتاناً على نفسه بأنه حمل السلاح، فحتماً سيكون مصيره مصير صاحبه بالجلوس على سخانة الكهرباء، وإذا لم يعترف فإنه سيجلس عليها أيضاً، هذا ما هدد به المحقق وأنذره به في نهاية التحقيق. جميع المعتقلين ينصحون بعضهم البعض بعدم الإعتراف بحمل السلاح ،مهما اشتد التعذيب، رغم أن كل ما فعلوه أنهم خرجوا بمظاهرات تطالب بإسقاط النظام،و حملوا لافتات الحرية، نعم هم يعترفون بذلك ،إلا أن المحقق يصر على التوقيع والبصم بحمل السلاح وقتل المدنيين وليس حمل لافتات الحرية. فتح السجان الباب ونادى برقمه، حاول أن يستجمع كل قواه الخائرة وأن يستنهض روحه الهزيلة، حتى استطاع أن ينهض ببدنه، لبطه السجان لبطة برجله أخرجته من الباب، لم يكترث بلبطة السجان، يمشي إلى الأمام وكل ما يفكر به كيف سيواجه مصيره المحتوم،كيف سيصرخ كما صرخ صديقه بالأمس ، كيف ستشوى"إلية"مؤخرته، كيف سيشتم رائحة لحمه المشوي،كيف...وكيف؟. طرق السجان باب المحقق رمى التحية العسكرية، ثم تركه واقفاً ، أغلق الباب وذهب، كانت عيناه لا تنزاحان عن السخانة الكهربائية، فوق السخانة إبريق شاي كبير جدأ،لم ير بكبر حجمه طيلة حياته،الماء يغلي و"يفور"داخل الإبرق والبخار يتصاعد من"زلومته". لم يكترث المحقق لوجوده أبداً، كان أمامه مجموعة كبيرة من الأوراق يقرؤها ويوقعها. قلبه يدق ،عيناه لا تبرحان النظر عن السخانة والإبريق فوقها، وهو يفكر كيف سيجلس مكان الإبريق بعد قليل، و كيف ستحترق مؤخرته. رفع المحقق رأسه وقال لماذا أنت واقف تفضل إجل؟،وأشار بيده إلى جهة السخانة، ارتعدت فراصعه، تلعثمت الكلمات في صدره والله يا سيدي أنا..خانته عيناه بالدموع...إلا أن المحقق أسعفه وقال له لا تخف تفضل إجلس فانت شاب وطني ،انتبه إلى وجود كرسي بجانب السخانة فهدأ من روعه، وتكوم على نفسه في زاوية الكرسي. قال المحقق:لقد تبين لنا انك شاب شهم ووطني، وكل التهم بحقك باطلة،"ونحن غلطانين بحقك".لم يكن يصدق ما يسمع ، اشتعلت بارقة أمل في داخله المعتم، ثم قدم المحقق له كأ"متة"كبيرة جداً، تتناسب مع كبر إبريق الشاي..ثم قدم له طبقاً مليئاً بالسكر قال له إذا تحب أن تشرب"المتة"بالسكر فهذا سكر أيضاً. هل هو في حلم؟!..لم يكن يصدق ما يحصل. قال المحقق قلت لك اشرب"متة"،صب الماء المغلي فوق كأس"المتة"وارتشف أول رشفة ، منذ عدة أشهر لم يتذوق مشروباً لا حاراً ولا بارداً سوى الماء الآسنة، هو لا يحب المتة ولم يشربها في تاريخه أبداً، لكن مع أول رشفة"متة"ساخنة وحلوة انتعشت الروح قليلاً في جوفه المتشققة. أمضى وقتا طويلاً حتى انتهى من شرب أول كأس، المحقق لا يبالي به، ويتابع توقيع أوراقه. التفت إليه بعد قليل .قال له أريدك أن تثبت لي أنك وطني ، إذا شربت هذا الإبريق، وسأطلق سراحك. يا إلهي ماذا حدث بين الأمس واليوم؟! . بالأمس لم يتركوا نوعاً من أنواع العذاب إلا وأذاقوني إياه، ولم يبق إلا الجلوس على السخانة الكهربائية. انقلبت ذاكرة مخيلته من آلام الجلوس على السخانة الكهربائية، إلى أحلام الإنطلاق في عالم الحرية، عادت إلى ذاكرته صورة أمه وصور أخوته وأخواته، صور أصدقائه، وبدأ يشرب الكأس بسحبة واحدة،حتى انتهى من الإبريق . رن المحقق الجرس فدخل العسكري، أمره أن يملأ الإبريق بالماء من جديد..ملأه العسكري ثم وضعه على السخانة،قال له المحقق سأذهب قليلا وعندما أعود أريد الإبريق الثاني قد انتهيت من شربه ،وأمر العسكري أن يراقبه ريثما يعود. غاب المحقق قليلاً ثم عاد ، في هذه الأثناء أخذ الماء الساخن مجراه في الجسم فطلب أن يذهب إلى الحمام، قال المحقق عندما تنتهي من الإبريق الثاني ستذهب إلى الحمام، فسارع أكثر من وتيرة شربه حتى انتهى من الإبريق الثاني. هنا انقلب وجه المحقق وصرخ عسكري، دخل العسكري بسرعة."إربط ذكر هالخائن"...جرده العسكري من سرواله وبانت عورته كاملة أمام المحقق والعسكري، كان بيد العسكري لاصق وضعه على مقدمة عضوه الذكري، ثم أخرج من جيبه خيطاً ناعماً وربطه بإحكام، وانهال المحقق عليه بالضرب...تريديون أن تسقطوا النظام يا عملاء إسرائيل وأمريكا... ثم أمر العسكري أن يرجعه إلى المهجع، أخذه العسكري ورماه خلف الباب ، قيد يديه إلى الخلف وقدميه، ثم قال:إن كل من يقترب منه سينال مصيره ثم خرج. و بدأ ماء"المتة"يتجمع في مثانته، والألم يشتد شيئاً فشيئاً، صراخه بدأ يعلو ويعلو، وبدأ يتقلب ذات اليمين وذات الشمال بأطرافه المقيدة بالسلاسل، وجسده المثقل بالألم، صراخه يعلو أكثر فأكثر وتقلبات جسده تزداد، يتقلب فوق أصحابه بالسجن، استمر صراخه المدوي طيلة النهار والليل، ثم بدأت وتيرة الصراخ تنخفض شيئاً فشئياً وحركات جسده بدأت تهمد، هكذا استمر الوضع ليومين آخرين إلى أن توقفت أنفاسه وغادرت روحه من ضيق المهجع إلى فضاء السماء الرحب... ملاحظة:الأحداث الرئيسية للقصة ليست من نسج الخيال و إنما برواية أحد معتقلي سجون نظام الأسد وقد كتبت له الحياة وخرج منها. معاذ عبد الرحمن الدرويش
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انجاز رائع ومواضيع مميز وابداع راقي سلمت وسلمت الايادي التي شاركت وساهمت في هذا الطرح الجميل بارك الله بك ولا تحرمنا من ابداعاتك وتميزك المتواصل واصل في كل ما هو جديد ومفيد لديــــــــــــــك فنحن بانتظار جديدك الرائع والجميــــــل كوجـودك المتواصـل والجميـل معنا تحياتـــي الحــاره -أخــوكم ابو المجد