العصر العثماني السنة القالثة
س) تكلم عن الفتح العثماني وأثره في البلاد .
مقدمة تاريخية :
ثلاثة قرون من حكم المماليك في مصر ، وهي تنتقل من سيء إلى أسوأ في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، ثم أطبقت عليها الظلمات ثلاثة قرون أخرى ، بوقوعها تحت الحكم العثماني المظلم ، إلي أن ظهر بصيص من النور مع قدوم الحملة الفرنسية .
ثم أخذ النور يسطع وينتشر في أواخر القرن التاسع عشر ، و بعد قيام ثورة 1919م .
تاريخ الغزو العثماني :
في موقعة ( مرج دابق ) ، بالقرب من حلب ، انتصرت جيوش السلطان سليم العثماني على المماليك 1516- 1517م ، فعبر صحراء سيناء ، وقضى على المماليك ، وتمت سيطرته على مصر ، والعراق ، والشام ، وليبيا ، وتونس ، والحجاز .
وكان السلطان العثماني يتمتع في حكم هذه البلاد بسلطات لا حدود لها ، والولاة كذلك مطلقي التصرف ، وبالتالي فقد قبضت علي زمام الأمور يد ظالمة جائرة ، وقد خضع الناس للخلافة العثمانية المتعسفة ، بعد تنازل (أو قيل) الخليفة العباسي ، وجعل السلطان مقدس غير مسئول .
أثر الفتح العثماني علي البلاد
وقد كان من نتيجة هذا الفتح العثماني الظالم ، أن خضعت الشعوب العربية لهم قروناً طويلة ، تعاني الظلم ألواناً وأشكالاً ، وتدهورت الأحوال الاقتصادية ، وظهرت بعض الأنظمة الفاسدة ومنها :
1) نظام الالتزام : الملتزم تبيعه الدولة ما يقدر على إدارته ، في جميع المجالات ، فيدفع الضريبة مقدماً ، ثم يقوم بتحصيلها من الناس أضعافاً مضاعفة ، من أصحاب الأرض ، فلا يمنعه أحد ، ومن لم يستطع السداد نزع ملكيته ، وأعطى الأرض لمالك آخر ، ويستولى على أرض من مات ، ولا وارث له .
2) نظام الوسايا ( السخرة ) : وفيها يعطي السلطان لأحد من أتباعه مساحة واسعة من الأرض ، فيقوم بدوره بتسخير العمال والفلاحين لخدمتها ، والعمل فيها دون مقابل .
3) نزلة الكشاف الذي كان ينزل بالمدن والقرى ، هو وأتباعه وعسكره ، فينهبون المتاع ، ويؤذون الناس ، ويكلفونهم ما لا يطيقون في المأكل والمشرب ، وفي هذا يقول شاعرهم العامي :
ومن نزلة الكشاف شابت عوارضي ** وصار لقلبي لوعة و وجيف
4) نظام الديوان : وهو أن النصراني ( الخواجة ) كان ينزل بالقرية ، أو الكفر ، فيفرض المال على الفلاحين ، بحكم القوانين العثمانية ، ويحصلها بالضرب والحبس ، أو ارتهان الابن ، أو الأخ ، أو أحد الأقارب ، لمن عجز عن السداد .
5) يوم العونة : الذي يخصصه الملتزم ، يطلب فيه العمال والفلاحين للعمل في جمع المحصول ، أو حفر القنى ، ونتيجة لفساد الأحوال الاقتصادية ، فسدت النواحي السياسية والاجتماعية وانتشر الظلم .
تمهيد :
من أخطر الأمور التي يلجأ إليها المستعمر ، هو أن يفرض لغته علي الشعوب التي يحكمها ، فهو بذلك :
1) يضعف صلة الشعب بلغته وقوميته .
2) يهجر لغته ويميل إلي لغة المستعمر يتعلمها ويتذوق أدبها .
وهذا ما فعله الأتراك :
فقد جعلوا اللغة التركية اللغة الرسمية للبلاد ، وأجبروا الناس عليها .
اشترطوا التركية لمن يتولى مناصب الدولة ، فتعلم الناس التركية للتقرب بها إلى الحكام .
أغلقوا المدارس وأوقفوها ؛ لسلب الروافد التي تمدها ، ولم يبق إلا شعاع نور ينبثق من الأزهر .
ما نتج عن ذلك :
دخول الألفاظ والتراكيب التركية ساحة اللغة العربية من أوسع الأبواب .
1) تضمين بعض الكتاب في كتاباتهم التعبيرات التركية كما جاء فيما يكتبه محرر جريدة الوقائع التي كانت في أول أمرها باللغة التركية . ثم بالتركية والعربية وأخيرا اقتصر تحريرها علي اللغة العربية .
2) كان الموظف والفلاح والعامل والجندي يسمعون في كل لحظة ألفاظ تركية وقد تضطرهم ظروفهم إلي استعمالها .
3) لا يزال بعض هذه الألفاظ يجري علي ألسنة العامة والخاصة إلي الآن ، مثل : كلمة ( عرضحال ، وبرنجي ، ومخزنجي ، وغيرها من الكلمات التي تنتهي بالمقطع ( جي ) ، مثل : ( قهوجي وعربجي وبسطجي ) ________________________________________
تمهيد :
في العهد المملوكي ، كانت لا تزال نفحات من الذوق العربي ، تجري في أوصال الأدب ، فلما جاء العصر العثماني ، لفظ الأدب أنفاسه الأخيرة .
مظاهر تخلف النثر ( الكتابة ) :
1) نضبت القرائح ، وعجز الكتاب حتي عن مجاراة طريقة القاضي الفاضل .
2) فقدت الأصالة ، واختفت الأساليب القوية الرصينة ، بخلاف ما كتبه الخفاجي والبغدادي .
3) ميل العلماء والأدباء إلى الكتابة بالعامية ، وكتابة الكتب الأدبية ، والرسائل بها ، والتزام السجع فيها .
4) لم يكتب ولم يخطب في موضوعات ذات بال (انظر النموذج نهاية الدرس )
مظاهر تخلف الشعر :
1) استعجام الألسنة ، والأفكار ، والمشاعر .
2) نظم الشعر بالعامية .
3) العجز عن الأخيلة البديعة ، والمعاني اللطيفة ، والألفاظ العذبة ، والعبارات الرصينة
4) دمامة المحسنات البديعية ، وثقل روحها .
5) ظهور التأريخ بالشعر .**
6) ظهور الخلاعة والمجون .
أسباب انحطاط الأدب : *****
1) خلو مصر في تلك الفترة من الثروة العلمية ، والأدبية ، المتمثلة في الكتب والمثقفين ؛ حيث أن العثمانيين أرادوا أن يجعلوا عاصمة الخلافة إحدى مدن الدنيا ، فنقلوا لها كثيراً مما كانت تفخر به مصر من العلماء ، والأدباء ، ونفائس كتب العلم والأدب .
2) عبث العثمانيين بالمدارس ، والاستيلاء على الروافد التي تمدها .
3) تعطيل ديوان الإنشاء ؛ الذي كان يتنافس فيه الأدباء أيام الأيوبيين والمماليك .
4) فقدان الأدب من يرعاه ، وإنما يزدهر الأدب في ظل حكام محبين له ، ومشجعين لأهله :
وقديما قال الشاعر :
قالوا تركت الشعر قلت ضرورة ** باب الدواعي والدوافع مغلق
خلت البلاد فلا كـريم يرتجي ** منه الثواب ولا مليـح يعشق
5) شظف في العيش ، والضيق بالظلم ، وعدم الشعور بالحرية ، ولا ينمو الأدب في هذا الجو .
نماذج :
انظر النماذج التالية نثراً وشعراً تري مدي انحطاط الأدب في العصر العثماني :
رسالة من أحد الفقهاء قال فيها : ( السلام من الفتى أبو علي ، اللي اسمه محمد علي ، حضرة صاحبنا ، اللي يطالع في القرآن ، زي ما يطلع الزرع في الغيطان ، ويتكلم بالفهامة ، وياما له علينا شهامة ، وأنا في شوق واشتياقه لا يحمله جمل ولا ناقة ، وفي هذا المعنى أقول لك كمان :
الســلام عليك يا سيدي والرحمة ** سلام من هو لا يأكل بعدك لقمة
إلا صايم عن الزاد وهو زي الأعمه ** وأنا قصدي أشوفك ولو في الضلمة
________________________________________
ومن نماذج الشعر : كقول الشاعر باللغة العامية :
ألا يا ابو حلق طارات ** تبيع الورد بارطالات
وتحط اللحم والفشة ** على الكانون والكرشة
ونتـغدا ونتعشــه ** ونعزم دار أبو كرات
ونختم قولنا يا ناس * بالصلاة على النبي لا باس
________________________________________
أضف لمعلوماتك عن التأريخ بالشعر :
حسَابُ الجُمَّل طريقةٌ حسابية تُوضَع فيها أحرف الهجاء العربية مقابل الأرقام، بمعنى أن يأخذ الحرف الهجائي القيمة الحسابية للعدد الذي يقابله وفق جدول معلوم. يقوم حساب الجُمَّل، الذي يسمّى أيضًا حساب الأبجدية، على حروف أبْجَدْ أو الحروف الأبجدية، وهي: أبْجَدْ، هوز، حطِّي، كَلَمُنْ، سَعْفَص، قََرَشَتْ، ثَخَذْ، ضَظَغٌ. ومجموعها ثمانية وعشرون حرفًا؛ تسعة منها للآحاد، وتسعة للعشرات، و تسعة للمئات، وحرف للألْف. والجدول التالي يبيّن طريقة المقابلة بين الحروف والأرقام في حساب الجمّل.
طريقة حساب الجمّل : إذا قرأت عن حدث وقع في سنة (جمر)، مثلاً، فهذا يعني في حساب الجمّل أنّ الحدث قد وقع سنة (243)؛ لأن الحرف (ج) يقابله الرقم (3)، والحرف (م) يقابله الرقم (40)، والحرف (ر) يقابله (200). فمجموع الحروف ج + م + ر = 3 + 40 + 200 = 243. فإذا زاد العدد على الأَلف (ويقابله الحرف غ) وُضع قبل الحرف (غ) حرف مناسب. فالخمسة الآلاف يقابلها (هغ) وهي تساوي (5 × 1000)، وأربعون ألفًا يقابلها (مع) وتساوي (40 × 1000). وهكذا يكون تركيب أيّ عدد تريده بالحروف التي تلائمه.
في هذا الجدول يأخذ الحرف الأبجدي قيمة الرقم الذي يقابله.
جدول حساب الجُمَّل
الأبجدي الحرف الرقم المقابل الأبجدي الحرف الرقم المقابل
أ 1 ك 20
ب 2 ل 30
ج 3 م 40
د 4 ن 50
ه 5 س 60
و 6 ع 70
ز 7 ف 80
ح 8 ص 90
ط 9 ق 100
ي 10 ر 200
ش 300 ت 400
ث 500 خ 600
ذ 700 ض 800
ظ 900 غ 1000
وقد استخدم العرب منذ الجاهلية إلى صدر العصر العباسي طريقتين للعدّ الحسابي، فكانوا إذا أرادوا أن يسجلوا عددًا في البيع والشراء مثل: (950 دينارًا) دوّنوه كتابة بالحروف هكذا: تسعمائة وخمسون دينارًا، أو سجَّلوه بحساب الجمّل هكذا: ظن؛ لأن قيمة الظاء (900) وقيمة النون (50). ثمَّ انتشر استخدام هذه الطريقة في العصور المتأخرة، خاصة في العصر المملوكي في ما عرف بالتاريخ الشعري الذي ظل معروفًا مستخدمًا إلى زمان قريب. والتاريخ الشعري يقوم على إيراد الحدث المؤرخ له ضمن بيت من الشعر أو قِسْم منه، ويكون غالبًا بعد كلمة أرِّخ أو أحد مشتقاتها، ومثاله قول أحدهم يذكر تاريخ طبع كتاب المخصَّص في اللّغة لابن سِيْدَه في سنة 1321 هـ:
أقول لمّا انتهى طَبْعًا أؤرِّخُهُ جاء المخصّص يروي أحسنَ الكَلِم.
وبجمع قِيَم حروف الشطر الثاني من البيت ـ وهو القِسْم الواقع بعد كلمة أؤرخه ـ نحصل على التاريخ المطلوب، فكلمة (جاء) قيمة حروفها (4)، والهمزة لاقيمة لها، وكلمة (المخصص) قيمتها (851) وكلمة (يروي) قيمتها (226) وكلمة (أحسن) قيمتها (119) و(الكلم) قيمتها (121) فيكون المجموع 4 + 851 + 226 + 119 = 1321 وهو التاريخ الذي تمَّ فيه طبع الكتاب.
وتتميز هذه الطريقة بالاختصار وجمع الأعداد الكثيرة في كلمة واحدة أو كلمات، وهذا ما جعل حساب الجمّل سهل الاستخدام في نَظْم العلوم والمعارف وتاريخ الأحداث. كما يمكن أن يكون نوعًا من التَّعْمية أو التَّشْفير بتحليل الأعداد المعطاة إلى مجموعة حروف مكونة بذلك لُغْزًا أو شفرة.